صيغ الصلوات وشُبهات حولها
الصلاة على النبي ﷺ بغير الوارد
سؤال: ما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بغير الوارد؟ وما حكم الصلاة عليه بالصيغ المنتشرة بين الناس؛ كالصلاة التفريجية، والصلاة الشافية التي تتضمن وصف النبي ﷺ بطبِّ القلوبِ ودوائِها، حيث ظهر من يبدّع هذه الصيغ، بل ويَتَّهِمُ قائلَهَا بالشّرك والكفر؟
الجواب: أن ذكر الله تعالى والصلاة على النبي ﷺ من العبادات المطلقة المشروعة بدون تقييد؛ حيث تصح على كل هيئة وحال وفي أي وقت -إلا ما جاء النهي عنه- وتجوز سرّا وجهرا فرادى وجماعات بكل صيغة مشروعة، والاجتماع على الذكر المشروع يعد من التعاون على البر والتقوى.
حكم ذكر لفظ السيادة:
سؤال: ما حكم ذكر لفظ السيادة لرسول الله ﷺ في الأذان والتشهد في الصلاة؟
الجواب: لا مانع شرعًا من ذلك، بل استحب ذلك كثير من الفقهاء وقالوا: إن فيه حسنَ أدب مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وامتثالًا للنصوص المتكاثرة في تعظيم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتوقيره؛ منها قوله تعالى: ﴿لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا﴾ [النور: 63]، وقوله تعالى: ﴿لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الفتح: 9]، و﴿توقروه﴾، أي: تسودوه؛ من السيادة، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ»، أما حديث: «لَا تُسَيِّدُونِي فِي الصَّلَاةِ» فباطلٌ لا أصل له.
حديث: عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت:
“أن أهلَ قريظةَ لما نزلوا على حكمِ سعدٍ أرسلَ إليه النبيّ ﷺُ فجاءَ على حمارٍ أقمرَ فقال النبيّ: قوموا إلى سيدِكم. أو إلى خيرِكم، فجاء حتى قعدَ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم”. متفق عليه بإسناد حسن.
قوله تعالى “وسيدًا وحصورًا”: جاء في تفسير ابن كثير قوله: (وسيدًا) قال أبو العالية، والربيع بن أنس، وقتادة، وسعيد بن جبير، وغيرهم: الحكيم، وقال قتادة : سيدا في العلم والعبادة. وقال ابن عباس، والثوري، والضحاك: السيد الحكيم المتقي، وقال سعيد بن المسيب: هو الفقيه العالم. وقال عطية: السيد في خلقه ودينه. وقال عكرمة: هو الذي لا يغلبه الغضب. وقال ابن زيد: هو الشريف. وقال مجاهد وغيره هو الكريم على الله، عز وجل.
وقوله (تعالى): (وسيدًا وحصورًا ونبيًّا من الصالحين) يدل على أن غير الله (تعالى) يجوز أن يسمى بهذا الاسم؛ لأن الله (تعالى) سمى يحيى “سيدا”؛ والسيد هو الذي تجب طاعته.
قوله تعالى: “لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا“ النور 63
فقد جاء في مفاتيح الغيب للرازي:
“ففيه وجوه: أحدها: وهو اختيار المبرد والقفال، ولا تجعلوا أمره إياكم ودعاءه لكم كما يكون من بعضكم لبعض إذ كان أمره فرضا لازما، والذي يدل على هذا قوله عقيب هذا ” فليحذر الذين يخالفون عن أمره “وثانيها: لا تنادوه كما ينادي بعضكم بعضا يا محمد، ولكن قولوا يا رسول الله يا نبي الله، عن سعيد بن جبير. وثالثها: لا ترفعوا أصواتكم في دعائه وهو المراد من قوله “: إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله” عن ابن عباس. ورابعها: احذروا دعاء الرسول عليكم إذا أسخطتموه فإن دعاءه موجب ليس كدعاء غيره.
قوله ﷺ: “أنزلوا الناس منازلهم“:
حديث: (أنزلوا الناس منازلهم). أخرجه أبو داود، والحاكم في “معرفة علوم الحديث” عن عائشة رضي لله عنها، أنه مر بها سائل فأعطته كسرة خبز، ومر بها رجل عليه ثياب وهيئة فأقعدته فأكل، فقيل لها في ذلك فقالت: قال رسول الله ﷺ: (أنزلوا الناس منازلهم).
قال صاحب عون المعبود: (أنزلوا الناس منازلهم) أي: عاملوا كل أحد بما يلائم منصبه في الدين والعلم والشرف. انتهى.