هل للمحبة حدود؟
محبة الله عزوجل لنبيه ﷺ ودلائل تلك المحبة:
إنَّ حبَّ الله تعالى لنبيّنا محمد ﷺ، لا يعلم قدره إلا هو سبحانه، وحسبنا أن نقرأ خطاب الله تعالى له: ﴿فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾ [الطور: 48].
فلـه من المآثر الرفيعـة ما ليس لغيرِه من إخوانـه الأنبياء والمرسلين، عليه وعليهم أفضلُ الصلاة وأتمُّ التسليم، مما يـدل علـى عظيـم محبـة الله تعالى لـه، كعموم رسالته الثقلين، وشمولها بين الخافقين، وأنـه خاتم النبيين، وهو صاحب الوسيلة والفضيلـة، والمقام المحمـود، والشفاعـة الكبـرى، والحـوض المورود، وأنه ﷺ خليلُ اللهِ تعالى، وغيرِها، وحسبنا أن نذكر شيئًا من هذه المآثر:
1 ـ قرن اسمه تعالى باسمه ﷺ في الشهادة:
قال الله تعالى: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ﴾ [الضحى: 5].
فلا يُقبل إسلامُ مسلم إلَّا أن يشهد ألَّا إله إلَّا الله، وأنَّ محمدًا رسولُ الله. وهو الركن الأول من أركان الإسلام.
فعن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ، شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لاَ يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلاَ يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَخْبِرْنِي عَنِ الإِسْلاَمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «الإِسْلاَمُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا».
قال حسان بن ثابت رضي الله عنه:
وضَمَّ الإلهُ اسْمَ النبيِّ إلى اسْمِهِ | إذ قالَ في الخَمْسِ المؤذِّنُ أَشْهَدُ |
وشَقَّ له من اسْمِهِ لِيُجِلَّهُ | فَذو العَرشِ محمودٌ وهذا محمَّدُ |
2 ـ أعطاهُ اللهُ تعالى ما لم يُعطِ غيرَه من الأنبياء عليه وعليهم الصلاة والسلام:
عن جَابِر بْن عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ قَبْلي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ».
3 ـ جعله اللهُ تعالى سيّدَ الخَلْق:
وهو أولَ من تنشق عنه الأرض يوم القيامة وأولَ شافِع ومشَّفَع:
عن أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ».
4 ـ أعطاه اللهُ تعالى الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ والمَقَام المحمود:
عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْـمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ؛ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ”.
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ زَرَ رضي الله عنهما، حيث قال: (إنَّ النَّاسَ يَصِيرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جُثًا كُلُّ أُمَّةٍ تَتْبَعُ نَبِيَّهَا، يَقُولُونَ: يَا فُلاَنُ اشْفَعْ، حَتَّى تَنْتَهِيَ الشَّفَاعَةُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ ، فَذَلِكَ يَوْمَ يَبْعَثُهُ الله الْـمَقَامَ الْـمَحْمُودَ).
وبشفاعته ﷺ، يخرج أناس قد دخلوا جهنم، ويدخلون الجنة:
عن عِمْرانَ بنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ ﷺ قال: «يخرُجُ قومٌ من النارِ بشفاعةِ محمدٍ ﷺ، فيدخلون الجنَّةَ يُسمَّون الجَهَنَّميِّين».
5 ـ أعطاه اللهُ تعالى المحبَّة والخُلَّة:
أمَّا المحبة: قال القاضي عياض: جاءت بذلك الآثارُ الصحيحةُ، واخْتُصَّ على ألسنة المسلمين بحبيبِ اللهِ.
أمَّا الخُلَّـة: قال ابـن القيِّم: «وأما الخلـة فتوحيد المحبـة، فالخليل هـو الذي توحَّدَ حُبُّه لمحبوبه، وهي رتبةٌ لا تقبل المشاركة، ولهذا اخْتُصَّ بها في العالَمِ الخليلانِ إبراهيمُ ومحمدٌ صلواتُ اللهِ وسلامُه عليهما، كما قال اللهُ تعالى: ﴿وَاتَّخَذَ اللَّـهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ [النساء: 125]. وصحَّ عن النبيِّ ﷺ أنه قال: «إنَّ اللهَ اتخذني خليلاً كما اتخذَ إبراهيم خليلاً».
وقال الإمام النووي: «قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيّ: الْخَلِيل، مَعْنَاهُ المحِبّ الْكَامِل المحَبَّة، وَالمحْبُوب الموَفِّي بِحَقِيقَةِ المحَبَّة، اللَّذَانِ لَيْسَ فِي حُبّهمَا نَقْص وَلَا خَلَل».
وقد اتخذَ اللهُ تعالى نبيَّنا محمدًا ﷺ خليلًا.
عن عَبْد الله بْن مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيّ ِﷺ أَنَّهُ قَالَ: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنَّهُ أَخِي وَصَاحِبِي، وَقَدِ اتَّخَذَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلًا).
قال القاضي عياض: «واختلف العلماءُ أربابُ القلوبِ أيهما أرفعُ درجةً: درجةُ الخُلَّة أو درجةُ المحبة؟ فجعلهما بعضهم سواءً؛ فلا يكون الحبيبُ إلا خليلًا، ولا الخليلُ إلا حبيبًا، لكنه خصَّ إبراهيمَ بالخُلَّةِ، ومحمدًا بالمحبةُ..».
وقال: مزيَّـةُ الخُلَّـةِ، وَخُصُوصِيَّـةُ الْـمَحَبـَّةِ حَاصِلَـةٌ لِنَبِيّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الآثَارُ الصَّحِيحَة المنتشرة الْـمُتَلَقَّاةُ بِالْقَبُولِ مِنَ الْأُمَّةِ وَكَفَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى:﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ [آل عمران: 31]… وَقَدْ نَقَلَ الْإِمَام أَبُو بَكْرِ بن فُورَك عَنْ بَعْض الْـمُتَكَلّمِينَ كَلامًا فِي الْـفَرْقِ بَيْنَ الْـمَحَبَّةَ وَالْـخُلَّةِ يَطُولُ، جُمْلَةُ إشاراته إِلَى تَفْضِيلِ مَقَامِ الْـمَحَبَّةَ عَلَى الْـخُلَّةِ، وَنَحْنُ نَذْكُرُ مِنْهُ طَرَفاً يَهْدِي إِلَى مَا بَعْدَهُ، فَمْن ذَلِكَ قَوْلـَهُمُ: الْـخَلِيلُ يَصِلُ بِالْـوَاسِطَةِ من قَوْلِهِ: ﴿وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾ [الأنعام: 75] والْـحَبِيبُ يَصلُ إليْهِ بِهِ من قَوْلِهِ: ﴿ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ ﴾[النجم: 9]
- صلاةُ اللهِ تعالى والملائكة والمؤمنين عليه ﷺ:
قال تعالـى: ﴿إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].
إنَّ هذه الآية الكريمة اشتملت على الخبر أولًا، والأمر ثانيًا.
أمَّا الخبر، فانَّ الله تعالى أخبر عباده في هذه الآية الكريمة، بمنزلة هذا النبي الكريم ﷺ عنده في الملأ الأعلى، بأنه يصلِّي عليه عند المقرَّبين هناك، وأنَّ الملائكة كلهم يصلون عليه، وما ذاك إلَّا لفضله ﷺ عند ربه، وعلوِّ مقامه وشرف قدره في الملأ الأعلى.
ثمَّ أمـر سبحانه أهل العالم الأدنى بالصلاة عليـه، وذلك ليجتمع له الثناء والتكريم والتعظيم من أهل العالَمَيْن.
وهذا شاهد لمحبة الله تعالى للنبي ﷺ
كتب الدكتور غازي محمود الشمري حول هذا الموضوع في كتابه (الحب في السنة وأثره في حياة الأمة) والصادر عن دار المقتبس.
الفرق بين المغالاة والشرك والمحبة:
سبق أن عرفنا معنى المحبة لغة واصطلاحا.
المغالاة:
الغلو لغة: تشير مادة (غلا) إلى الارتفاع ومجاوزة الحد، وهذا المعنى هو الذي توافقت عليه معاجم اللغة، تقول غلا الماء إذا فار وارتفع، وغلا السعر إذا تجاوز العادة، وغلا في الدين إذا تشدد وتصلب حتى جاوز الحد.
الغلو اصطلاحًا: لم يبتعد التعريف الاصطلاحي للغلو كثيرًا عن التعريف اللغوي، فإذا كان المفهوم اللغوي للكلمة عام في كل تجاوز ماديًا كان أم معنويًا، فإن التعريف الاصطلاحي خصص الغلو وحدد مفهومه أكثر، فاقتصر على الجانب المعنوي الذي ينم عن توجه فكري يظهر أثره على السلوك، وقد وضع العلماء عدة عبارات تشرح معنى الغلو اصطلاحًا، ومن هذه العبارات: 1ــ عرفه ابن حجر العسقلاني في فتح الباري بأنه هو: المبالغة في الشيء والتشديد فيه بتجاوز الحد، وفيه معنى التعمق والزيادة على ما لم يطلب شرعًا. 2ـ وفسر الفخر الرازي الغلو بالإفراط في جانب التعظيم.
هل مديح النبي ﷺ يُعد من الغلو والمبالغة المخالف لأحكام الشرع؟
عرَّف العلماء مديح النبي ﷺ بأنه: هو الشِّعْرُ الذي ينصَبُّ على مدح النبي ﷺ بتعداد صفاته الخِلْقِيَّة والخُلُقِيَّة، وإظهار الشوق لرؤيته، ولزيارة قبره والأماكن المقدسة التي ترتبط بحياته ﷺ، مع ذكر معجزاته المادية والمعنوية، ونظم سيرته، والإشادة بغزواته وصفاته الْمُثلى، والصلاة عليه تقديرًا وتعظيمًا، فهو شعرٌ صادقٌ بعيدٌ عن التزلُّف والتَّكَسُّب، ويُرجى به التقرب إلى الله عز وجل، ومهما وصفه الواصفون فلن يُوَفُّوه حقَّه ﷺ.
قال الشيخ الباجوري رحمه الله في مقدمة “شرحه للبردة”: إن كمالاتِه ﷺ لا تُحْصَى، وشمائله لا تُسْتَقصى، فالمادحون لجنابه العليّ، والواصفون لكماله الجلي، مُقصِّرون عمَّا هنالك، قاصرون عن أداء ذلك.
فما يُظَنُّ غُلُوًّا في حقِّهِ ﷺ هو على الحقيقة تقصير، ولا يبلغ البليغ إلا قليلًا من كثير.
وممَّا يدلّ على أنّ مدحه ﷺ إنما هو مجرد وصف بعض ما ظهر من حضرته من كمالاتٍ أنه قد مُدِح أيضًا في الجاهلية؛ فقد مَدَحه عمه أبو طالب فقال:
وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ … ثِمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلأَرَامِلِ
يَلُوذُ بِهِ الْهُلَّاكُ مِنْ آلِ هَاشِمٍ … فَهُمْ عِنْدَهُ فِي رَحْمَةٍ وَفَوَاضِلِ
والمديح النبوي مشروع بعموم أدلة القرآن الكريم؛ كقوله تعالى: ﴿لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الفتح: 8-9]، والتعزير هو التعظيم، ومدحه ﷺ من مظاهر تعظيمه وحبه. انتهى بتصرف فتوى رقم 7093 دار الإفتاء المصرية.
الشرك:
الشرك لغة: فالأول: الشركة، وهو أن يكون الشيء بين اثنين لا ينفرد به أحدهما، يقال: شاركت فلاناً في الشيء إذا صرت شريكَه، وأشركت فلاناً إذا جعلته شريكاً لك”. وقال الجوهري: “الشريك يجمع على شركاء وأشراك، وشاركت فلاناً صرت شريكه، واشتركنا وتشاركنا في كذا، وشركته في البيع والميراث أشركه شركة، والاسم: الشرك”.
الشرك اصطلاحًا: اختلَفَت عباراتُ العُلَماءِ في بَيانِ معنى الشِّرْكِ في الدِّينِ، وإن كانت هذه العباراتُ يُكمِلُ بعضُها الآخرَ.
قال ابنُ قُتَيبةَ: الشِّرْكُ باللهِ هو أن يُجعَلَ له شَريكٌ.
وقال الأزهَرِيُّ: (الشِّرْكُ: أن تجعَلَ للهِ شَريكًا في رُبوبيَّتِه، تعالى اللهُ عن الشُّرَكاءِ والأندادِ، وإنَّما دَخَلت الباءُ في قَولِه: لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ؛ لأنَّ معناه: لا تَعدِلْ به غيرَه فتَجعَلَه شريكًا له، وكذلك قَولُ” بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا” ]آل عمران: 151[؛ لأنَّ معناه: عَدَلوا به، ومن عَدَل باللهِ شيئًا مِن خَلْقِه فهو مُشرِكٌ؛ لأنَّ اللهَ واحِدٌ لا شريكَ له ولا نِدَّ، ولا نديدَ(.
وقال القُرطبيُّ: أصلُه -أي: الشِّرْكِ- اعتِقادُ شَريكٍ للهِ في ألوهيَّتِه، وهو الشِّرْكُ الأعظَمُ، وهو شِرْكُ الجاهِليَّةِ، ويليه في الرُّتبةِ اعتِقادُ شَريكٍ للهِ تعالى في الفِعلِ، وهو قَولُ مَن قال: إنَّ موجودًا ما غيرَ اللهِ تعالى يستَقِلُّ بإحداثِ فِعلٍ وإيجادِه، وإن لم يُعتَقَدْ كَونُه إلهًا.
قال النبي ﷺ في حجة الوداع: “وإني لا أخشى عليكم أن تشركوا بعدي ولكن أخشى عليكم الدنيا أن تتنافسوا فيها كما تنافس من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم، وهذا الحديث صحيح رواه مسلم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: (اللهم لا تجعل قبري وثنا، لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) هكذا من دون كلمة (يعبد) رواه الإمام أحمد في “المسند” وقال المحققون: إسناده قوي.