محبة آل البيت بين المبالغة والإنكار
ترجمة السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها:
السيدة فاطمة بنت رسول الله ﷺ
سيدة نساء العالمين في زمانها، البضعة النبوية، والجهة المصطفوية أم أبيها بنت سيد الخلق رسول الله ﷺ أبي القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشية الهاشمية، وأم الحسنين. مولدها قبل المبعث بقليل وتزوجها الإمام علي بن أبي طالب في ذي القعدة، أو قبيله، من سنة اثنتين بعد وقعة بدر.
وقال ابن عبد البر: دخل بها بعد وقعة أحد. فولدت له الحسن، والحسين، ومحسنا، وأم كلثوم، وزينب.
وروت عن أبيها. وروى عنها ابنها الحسين، وعائشة، وأم سلمة، وأنس بن مالك، وغيرهم. وروايتها في الكتب الستة.
وقد كان النبي ﷺ يحبها ويكرمها ويسر إليها. ومناقبها غزيرة. وكانت صابرة دينة خيرة صينة قانعة شاكرة لله، وقد غضب لها النبي ﷺ لما بلغه أن أبا الحسن هم بما رآه سائغا من خِطبة بنت أبي جهل، فقال ﷺ: “والله لا تجتمع بنت نبي الله وبنت عدو الله، وإنما فاطمة بضعة مني، يريبني ما رابها، ويؤذيني ما آذاها فترك علي الخطبة رعاية لها، فما تزوج عليها ولا تسرى، فلما توفيت تزوج وتسرى رضي الله عنهما”.
ولما توفي النبي ﷺ حزنت عليه، وبكته، وقالت: “يا أبتاه، إلى جبريل ننعاه. يا أبتاه، أجاب ربا دعاه. يا أبتاه، جنة الفردوس مأواه.” وقالت بعد دفنه: يا أنس، كيف طابت أنفسكم أن تحثوا التراب على رسول الله ﷺ!
وقد قال لها في مرضه: “إني مقبوض في مرضي هذا؛ فبكت. وأخبرها أنها أول أهله لحوقا به، وأنها سيدة نساء هذه الأمة، فضحكت، وكتمت ذلك، فلما توفي ﷺ، سألتها عائشة، فحدثتها بما أسر إليها. وقالت عائشة رضي الله عنها:
جاءت فاطمة تمشي ما تخطئ مشيتها مشية رسول الله ﷺ، فقام إليها وقال: مرحبا بابنتي.
ولما توفي أبوها تعلقت آمالها بميراثه، وجاءت تطلب ذلك من أبي بكر الصديق، فحدثها أنه سمع من النبي ﷺ يقول “: لا نورث، ما تركنا صدقة فوجدت عليه، ثم تعللت “.
روى إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، قال: لما مرضت فاطمة، أتى أبو بكر فاستأذن، فقال علي: يا فاطمة، هذا أبو بكر يستأذن عليك، فقالت: أتحب أن آذن له. قال: نعم. -قلت: عملت السنة رضي الله عنها، فلم تأذن في بيت زوجها إلا بأمره- قال: فأذنت له، فدخل عليها يترضاها، وقال: والله ما تركت الدار والمال والأهل والعشيرة إلا ابتغاء مرضاة الله ورسوله ومرضاتكم أهل البيت. قال: ثم ترضاها حتى رضيت.
توفيت بعد النبي ﷺ بخمسة أشهر أو نحوها. وعاشت أربعا أو خمسا وعشرين سنة. وأكثر ما قيل: إنها عاشت تسعا وعشرين سنة. والأول أصح. وكانت أصغر من زينب، زوجة أبي العاص بن الربيع؛ ومن رقية؛ زوجة عثمان بن عفان. وقد انقطع نسب النبي ﷺ إلا من قبل فاطمة؛ لأن أمامة بنت زينب، التي كان النبي ﷺ يحملها في صلاته تزوجت بعلي بن أبي طالب، ثم من بعده بالمغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي، وله رؤية، فجاءها منه أولاد.
قال الزبير بن بكار: انقرض عقب زينب.
وصح أن النبي ﷺ جلل فاطمة وزوجها وابنيهما بكساء، وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا.
أحمد بن حنبل: حدثنا تليد بن سليمان: حدثنا أبو الجحاف، عن أبي حازم، عن أبي هريرة: نظر النبي ﷺ إلى علي وفاطمة والحسن والحسين، فقال: أنا حرب لمن حاربكم، سلم لمن سالمكم.
إسرائيل، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن زر، عن حذيفة: قال النبي ﷺ: نزل ملك فبشرني أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وروي من وجه آخر عن المنهال، رواهما الحاكم
عن ابن عباس مرفوع: “أفضل نساء أهل الجنة خديجة وفاطمة “.
عن عائشة أم المؤمنين قالت: “ما رأيت أحدا كان أشبه كلامًا وحديثًا برسول الله ﷺ من فاطمة، وكانت إذا دخلت عليه قام إليها، فقبلها، ورحب بها، وكذلك كانت هي تصنع به”. انتهى “سير أعلام النبلاء”
هل الشيعة من أهل السنة والجماعة؟ وهل توقف الأزهر عن الفتوى بأنهم من الفرق الضالة؟
مَن هم الشيعة؟
الشيعة مذهب إسلامي من جملة مذاهب المسلمين، والشيعة فرق عديدة؛ منها المعتدل ومنها المغالي، والشيعة الإمامية الاثنا عشرية وكذلك الزيدية جزء أساسي في الأمة الإسلامية، فالزيدية بالإجمال أقرب فرق الشيعة إلى أهل السنة والجماعة، أما الإمامية فلا ينسبون إلى أهل السنة والجماعة وإن كانوا من جملة المسلمين أهل القبلة الواحدة.
وفي هذا المقام يلزم التنبيه إلى أن تعميم الأحكام على جميع الشيعة دون تفرقة أو تمييز بينهم بحسب درجتهم في التشيع ودون تفريق بين علمائهم وعوامهم ليس من العدل والإنصاف والعلم في شيء، بل هو عين الفتنة التي يبغيها الشيطان في أمة النبي ﷺ وسلم.
موقف أهل السنة والجماعة من غلاة الشيعة:
الطائفة الأولى التي هي طائفة الغلاة ليست على ملة المسلمين فضلًا أن تُنسَبَ لأهل السُّنَّة والجماعة، وأما الفرقتان الأخيرتان -الزيدية والجعفرية- فهما من أهل القبلة، ولكن لا يصح أن يقال إنهما من أهل السنة والجماعة.
أما كونهما من أهل القبلة؛ فلأن ضابط أهل القبلة منطبق عليهم، وهو المذكور فيما رواه البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي ﷺ وسلم قال: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لا إِلَهَ إلَّا اللهُ، فَإِذَا قَالُوهَا، وَصَلَّوْا صَلاَتَنَا، وَاسْتَقْبَلُوا قِبْلَتَنَا، وَذَبَحُوا ذَبِيحَتَنَا، فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ».
قال الحافظ ابن حجر في “فتح الباري” (1/ 496، ط. دار المعرفة): [فيه أن أمور الناس محمولة على الظاهر، فمن أظهر شعار الدين أُجْرِيَت عليه أحكام أهله، ما لم يظهر منه خلاف ذلك] اهـ.
وأما كونهما ليسا من أهل السنة والجماعة؛ فلأنهما يعتقدان اعتقادات بدعية تخالف الكتاب والسنة وتباين ما كان عليه الصحابة والسلف الصالح في شأن المعتقد.
موقف أهل السنة والجماعة من الشيعة الزيدية:
أما الزيدية فيقولون بخلق القرآن، وينفون رؤية الله تعالى في الآخرة، وينكرون الشفاعة، ويرون أن مرتكب الكبيرة مخلد في النار ما لم يتب توبة نصوحًا، والمتقدمون منهم يرون جواز إمامة المفضول مع وجود الفاضل، فعليٌّ عندهم هو أفضل الصحابة مطلقًا، ومع ذلك يصححون إمامة أبي بكر وعمر رضي الله عنهم أجمعين، ولكن شاع الرفض في متأخريهم؛ فلا يعترفون بإمامة الشيخين. راجع: “تاريخ المذاهب الإسلامية” للشيخ محمد أبي زهرة (ص50-54، ط. الهيئة المصرية العامة للكتاب).
موقف أهل السنة والجماعة من الشيعة الإمامية:
أما الإمامية الاثنا عشرية فيقولون: إن الله يجب عليه نصب الإمام، ويعتقدون في عصمة الأئمة، وأنهم في عصمتهم كعصمة الأنبياء، وأنه يجوز لهم تخصيص النصوص العامة وتقييد المطلقة وبيان المجملة، وينسب إليهم أيضًا القول بالبداء في حقِّ الله تعالى -أي: أنه يحكم بالشيء، ثم يتبين له ما لم يكن عَلِمَهُ فينتقض حكمه-، وينكرون رؤية الله تعالى يوم القيامة، ولهم خوض بالباطل في عدد من الصحابة الأطهار، ويقولون إن إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قد ثبتت بالنص عليه بالذات من النبي ﷺ وسلم، ولبعض أحبارهم كلام في وقوع التحريف في القرآن الكريم، إلى غير ذلك من المسائل في الأصول والفروع.
وقد أقر أئمة الشيعة ببعض هذه الأشياء؛ مثل القول بعصمة الأئمة، واعتذروا عن البعض الآخر بحمله على محملٍ آخر كقولهم في البداء: إنهم يعنون به المحو والإثبات، الذي في قوله تعالى: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: 39]؛ فالله تعالى قد ينقص من الرزق وقد يزيد فيه، وكذا الأجل والصحة والمرض والسعادة والشقاء والمحن والمصائب والإيمان والكفر وسائر الأشياء، وكان كثير من السلف يدعون الله ويتضرعون إليه أن يجعلهم سعداء لا أشقياء. وهذا هو ما يسميه أهل السنة: القضاء المُعَلَّق، وعليه يُحمَل ما رواه الترمذي عن سلمان رضي الله عنه أن النبي ﷺ وسلم قال: «لَا يَرُدُّ القَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي العُمْرِ إِلَّا البِرُّ»، وهو بخلاف القضاء المبرم؛ فالأول لا استحالة في رفع ما علق رفعه منه على الدعاء، ولا في نزول ما علق نزوله منه على الدعاء، وهذه القسمة باعتبار اللوح المحفوظ، لا باعتبار علم الله تعالى. انظر: “حاشية البيجوري على جوهرة التوحيد” (ص254، ط. دار السلام).
وكذلك ينكرون القول بتحريف القرآن، ويزيفون قول من قال منهم به، ويجعلونه شاذًّا مردودًا؛ يقول الشيخ الصدوق (ت381هـ) منهم: [اعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله تعالى على نبيه محمد ﷺ وسلم هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس، ليس بأكثر من ذلك، ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع عشرة سورة] اهـ. نقلًا عن “الاعتقادات” للشيخ المفيد (ص84، 88)
أما كلامهم في الصحابة، فقد حاولوا تجميله والاعتذار عنه؛ بأنهم لا يقولون بعدالة جميع الصحابة ولا بكفر جميع الصحابة، بل الصحابة كغيرهم من الرجال فيهم العدول، وفيهم البغاة، وفيهم أهل الجرائم من المنافقين، وفيهم مجهول الحال، فالحجة في العدول، والترك للبغاة، والتوقف في مجهولي الحال. يراجع لما سبق: “تاريخ المذاهب الإسلامية” لأبي زهرة (ص54-64)، و”الوشيعة في نقد عقائد الشيعة” للشيخ موسى جار الله (ط. سهيل أكاديمي بلاهور)، و”مختصر التحفة الاثني عشرية” للألوسي (ط. المكتبة السلفية)، و”أضواء على عقائد الشيعة الإمامية وتاريخهم” للشيخ جعفر السبحاني (ط. معاونية شؤون التعليم والبحوث الإسلامية في الحج)، و”أجوبة مسائل جار الله” للشيخ عبد الحسين شرف الدين الموسوي، و”الاعتقادات” للشيخ المفيد، و”أصل الشيعة وأصولها” للشيخ كاشف الغطاء.
خلاصة القول في الشيعة الإمامية:
وخلاصة القول” أن الشيعة الإمامية إخواننا في الدين وهم من جملة المسلمين أهل القبلة، ولكن لا يصح ولا يجوز أن ينسبوا إلى أهل السنة والجماعة، بل هم من طوائف الضلال والابتداع، ولكن مع ذلك فإننا نقول: إن تعميم الأحكام على جميع الشيعة دون تفرقة أو تمييز بينهم بحسب درجتهم في التشيع، ودون تفريق بين علمائهم وعوامهم، ليس من العدل والإنصاف والعلم في شيء.
وكذلك نقول: إنه يلزمنا جميعًا كمسلمين -سنة وشيعة- أن نحرر مواطن الخلاف بيننا، حتى نقف على ما كان الخلاف فيه لفظيًّا فنتجاوزه، ونعرف ما كان الخلاف فيه تاريخيًّا فلا نقف عنده، فنتعاون معًا فيما اتفقنا عليه، ونعمل على التعايش البَنَّاء بيننا.
ونؤكد على أنه يجب ألَّا تكون هذه الخلافات بين الفريقين سببًا للحروب الطائفية وإراقة الدماء المعصومة بيقين من الجانبين، فالوحدة فرض ديني يجب على الأمة كلها امتثاله، مع التأكيد على عدم تذويب الحقائق الدينية أو تمييع القضايا المفصلية في الأصول والفروع بين كل طرف من المتنازِعَين، وكذلك التأكيد على أنه يجب المحافظة على خصوصية البلاد السُّنِّيَّة، وأن الدعوة إلى دخول التشيع فيها تحت اسم الحرية أو نحوها من الشعارات لا يجلب إلا الوبال والحروب الأهلية ذات النزعة الطائفية ويدمر الوحدة الوطنية، كما هو معلوم من الاطلاع على واقع الأمم والشعوب واستقراء التاريخ القديم والحديث.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
انتهى فتوى رقم: 2368 دار الإفتاء المصرية.
ما طريقة الروافض والنواصب وما موقف أهل السنة من طريقتهما؟
ج- أما الروافض فطريقتهم أنهم يبغضون الصحابة ويسبونهم إلا عليًّا غلوًا فيه وتقدم بيان ذلك، وأما النواصب فهم الذين نصبوا العداوة لأهل البيت وتبرأوا منهم وكفروهم وفسقوهم وأما أهل السنة فيتبرأون من طريقة الروافض والنواصب ويتولون جميع المؤمنين ويعرفون قدر الصحابة وفضلهم ويرعون حقوق أهل البيت ولا يرضون بما فعله المختار وغيره من الكذابين ولا ما فعله الحجاج وغيره من الظالمين
– ما موقف أهل السنة والجماعة حول ما شجر بين الصحابة؟
ج- هو الكف والإمساك عما شجر بينهم لما في ذلك من توليد العداوة والحقد على إحدى الطرفين وذلك من أعظم الذنوب والواجب علينا حب الجميع والترضي عنهم والترحم عليهم وحفظ فضائلهم والاعتراف لهم بسبقهم ونشر مناقبهم لقوله تعالى: ” والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان”.