السَّنَد
“السند“ يشير إلى الرجال الذين نقلوا العلم من الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام حتى يومنا هذا.
فكل شخص روى كلامًا ينسبه إلى الرسول ﷺ لابد أن يذكر كيف وصل إليه هذا الكلام، لذلك يسند كلامه إلى الشخص الذي سمع عنه وهذا بدوره يكون قد سند الرواية لشخص قبله وهكذا وصولًا إلى التابعين ثم الصحابة ثم رسول الله ﷺ.
معنى السند في القرآن الكريم:
والسند المتصل في القرآن الكريم هو شرط من شروط الإجازة، فمن لديه إجازة بسند متصل إلى الرسول عليه الصلاة والسلام هو فقط الذي يستطيع أن يجيز غيره وإلا انقطع السند.
وبناءً على ما سبق، فإن حفظ القرآن الكريم بالسند المتصل يشير إلى الحفظ والإجازة على يد شيخ حاصل على إجازة بسند متصل إلى الرسول ﷺ.
معنى السند في السنة النبوية:
السند أو الإسناد: في سياق علم الحديث هو سلسلة الرواة الذين نقلوا الحديث واحدا عن الآخر، حتى يبلغوا به إلى قائله، بعبارة أخرى فالسند هو الطريق الموصل إلى متن الحديث، والسند في اللغة: ما ارتَفع من الأَرض في قُبُل الجبل أَو الوادي، والسند: المعتمد، وسمي كذلك لأن الحديث يستند إليه ويعتمد عليه.
شروط صحة السند:
يشترط للحكم بصحة السند شروط وهي:
- اتصال السند
- عدالة كل راوٍ من رواة السند
- ضبط كل راوٍ من رواة السند
- سلامة السند من الشذوذ
- سلامة السند من العلة
فإذا استوفى السند هذه الشروط صار سندًا صحيحًا، ويبقى استيفاء المتن لشروط الصحة حتى يُحكم على الحديث بالصحة.
أقسام السند:
يُقسم السند بشكل عام إلى قسمين رئيسيين وهما:
السند المتصل
السند المتصل هو السند الذي فيه كل راو من رواته أخذ الرواية ممن فوقه حتى ينتهي إلى قائله، دون أن يسقط بينهم أحد الرواة، ويُمثل الاتصال أحد شروط صحة السند.
- مثله:
ما رواه البخاري قال حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال: “الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله”.
فنجد أن سند هذا الحديث قد نقل كل راوٍ من رواته عمن يليه حتى وصل إلى رسول الله ﷺ، فهو على الشكل التالي:
البخاري ← عبد الله ← مالك ← نافع ← ابن عمر ← رسول الله ﷺ
وقد تُستخدم بعض المصطلحات في سياق السند المتصل لتُفيد مع اتصال السند وصفا آخر لهذا السند، كوصف عارض له أو كوصف بيان كيفية الاتصال، ومن هذه المصطلحات:
المسند:
يُفيد مصطلح الحديث المسند أن السند متصل، وأن الحديث مرفوع أي أن القائل هو رسول الله ﷺ)، ومثاله الحديث السابق، والحديث المسند يكون على الشكل التالي:
سند متصل + متن مرفوع ⇐ حديث مُسنَد
سلسلة الذهب:
سلسلة الذهب تشير لأصح الأسانيد على الإطلاق، ويرى البخاري أن أصح الأسانيد ما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر، ومثاله الحديث السابق، وفي ذلك يقول العراقي في ألفيته:
إمساكنا عن حكمنا على سند
بأنه أصح مطلقًا وقد
خاض به قوم فقيل مالك
عن نافع بما رواه الناسك
ولاه واختر حيث عنه يسند
الشافعي قلت وعنه أحمد
السند العالي والسند النازل
إسناد عال ونازل (علم الحديث)
يُفيد مصطلح السند العالي اتصال السند وقلة عدد رواته، أي قرب المسافة من رسول الله ﷺ.
- مثاله:
ما رواه البخاري قال حدثنا مكي بن إبراهيم قال حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع قال: سمعت النبي ﷺ يقول: “من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار”
فهنا نري أنه قد توسط بين البخاري وبين النبي ﷺ ثلاثة رواة فقط فهو حديث عال.
البخاري ← مكي بن إبراهيم ← يزيد بن أبي عبيد ← سلمة بن الأكوع ← رسول الله ﷺ
وعكسه مصطلح السند النازل الذي يُفيد اتصال السند وكثرة عدد رواته، أي بعد المسافة عن رسول الله ﷺ.
السند المسلسل:
مصطلح السند المسلسل يُفيد أن السند متصل، وأن الرواة تناقلوا الرواية عن بعضهم البعض بهيئة تحاكي هيئة النبي ﷺ أثناء قوله، وذلك يقوي معنى الاتصال في الحديث، إذ أنهم لم يقتصروا على نقل نص كلام النبي، وإنما تجاوزه لنقل هيئته أثناء كلامه.
- مثله:
ما رواه البخاري قال حدثنا محمد بن العلاء حدثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى أن رسول الله ﷺ قال: “المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه”.
معنى ضبط الصدر:
فضبط الصدر: هو أن يعي الراوي ما يسمع جيداً، فيحفظه عن ظهر قلب ويستطيع استحضاره متى طُلب منه ذلك.
إن حفظ الراوي جيداً، حتى إذا طُلب منه ذلك أداه كما سمعه، ثم بعد أن تقدم به السن أنكر أن يكون قال هذا القول؛ رد إنكاره بشرط أن يكون المتحمّل عنه ثقة، أي: أن يكون عدلاً ضابطاً، وإن كانت هذه الرواية قد تحمّلها غير واحد إما لفظاً وإما معنى عن ذلك الشيخ؛ ففي هذه الحالة لا يُعد إنكاره ولا يُعتبر به، ويُعتبر في غير هاتين الحالتين، والله تعالى أعلم.
مما يطرأ على ضبط الصدر ويؤثر عليه: فحش الغلط، والغفلة، والوهن، والمخالفة للثقات، وسوء الحفظ.
وفحش الغلط هو كثرة الأخطاء، أي: أن يكثر خطؤه حتى يكون هو الغالب على حديثه، وهذا يُعرف بمخالفته للثقات.
والوهن هو: أن يروي الراوي حديثاً على سبيل الإيهام لا التحقق والتأكد.
وهذه كلها مجرّحات تؤثر في ضبط الراوي.
معنى ضبط الكتاب:
النوع الثاني من الضبط ضبط الكتاب، وهو ألا يعتمد الراوي في سماعه للحديث على صدره وقلبه، وإنما يعتمد على ما كتبه بعد شيخه.
فضبط الكتاب أن يكتب الراوي ما يسمعه من الشيخ في كتاب أو في صحيفة.
ويُشترط لمن كانت هذه صفته شروط: الشرط الأول: أن يقابل أو يراجع هذا الكتاب على نسخة الشيخ الذي سمعه منه؛ حتى يقره الشيخ على صحة سماعه وكتابته.
فربما يكون ذلك الرجل الذي كتب خلف الشيخ تصحّف عليه السماع وكتبه في كتابه مصحفاً، أو تحرّف عليه السماع وكتبه محرّفاً.
الشرط الثاني: إذا لم يكن عند الشيخ وقت للمراجعة أو لم يوافق الطالب على مطلبه، أو كان الشيخ سيئ الخلق، أو حاد المزاج ويهاب أن يُطلب منه هذا الطلب -وهذا موجود بكثرة في السلف- فعلى الطالب أن يراجع نسخته على نسخة أقرانه.
وإذا لم يكتب أحد غيره فلا مانع أن يراجع مكتوبه على مسموع غيره، فليس بلازم أن تكون المقابلة على مكتوب، بل يمكن أن تكون على مسموع.
الشرط الثالث: أن يحافظ على هذا الكتاب من كل ما يتلفه من حرق وغرق وإتلاف وإفساد، وغير ذلك من الأمور التي تطرأ وتفسد الأوراق، فإذا تعرّض الكتاب لما يتلفه فلا بد وأن يتوقف الراوي عن الرواية.
الشرط الرابع: أن يحدث الراوي وقت التحديث من الكتاب لا من حفظه.