كيف ننصُره ﷺ اليوم
الدفاع عن النبي ﷺ أوجب الواجبات الدينية، وهو أعظم قربة يمكن للمسلم أن يتقرب بها إلى الله سبحانه، والله تعالى إنما ينصر المسلمين عندما ينصرون نبيهم ﷺ، وقد علمنا الله تعالى أن نصرة النبي ﷺ إنما تكون بتطبيق منهجه القويم في المنشط والمكره وفي السلم والحرب، وعلمنا أن من أكبر مظاهر النصرة لرسوله ﷺ أن ننصره في أنفسنا بالثبات على المبادئ والمثل والقيم، وعلمنا أن يكون نصرنا بناءً لا هدمًا، وأن لا ننشغل في ردود أفعال غير محسوبة تهدم ما يبنيه المسلمون من جسور التواصل مع العالمين، وأن تكون هذه الإساءة دافعًا لنا إلى الثبات على الحق، والاستمرار في تحقيق مراد الله تعالى من خلقه بالعبادة والعمارة والتزكية .
وسائل النصرة للنبي ﷺ:
كيفية نصرة النبي ﷺ على مستوى الفرد:
هناك العديد من الأمور التي تُوضّح دوْر الفرد المسلم في نصرة رسول الله ﷺ، منها ما يأتي:
التفكُّر في الدلائل الواردة في القرآن الكريم والتي تُشير إلى صدق نبوّته ﷺ وتجزم بأنّه رسولٌ من ربّ العالمين.
1-التفكّر في الإحسان الذي قدّمه رسول الله ﷺ لكلّ فردٍ من أفراد أمّته بتبليغه رسالة الله تعالى ودينه بأتمّ وأكمل تبليغ. العلم بأنّ الله تعالى تكفّل بحفظ سنّة نبيّه ﷺ؛ بأن مكّن أهل العلم من جمعها وبيان الصحيح والضعيف منها وِفق قواعد وأصول تميّزت بها الأمّة عن سائر الأمم.
2-العلم بالآيات القرآنية والأحاديث النبويّة التي تدلّ على المنزلة العظيمة التي حظِيَ بها رسول الله ﷺ عند ربّه وما خصّه به من المحبّة والتكريم.
3-تذكّر كمال الصفات الخَلقيّة والخُلقيّة لرسول الله ﷺ؛ ممّا يَبثُّ في النفس مشاعر محبّته والشوق لرؤيته.
4-تذكّر رأفة رسول الله ﷺ بأمّته، وأنّه الأحرص عليها والأرحم بها، لقوله -تعالى-: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ).
5- تذكّر جمال رفقة رسول الله ﷺ في الجنّة لمن ثابر على محبّته وسعى في تحقيقها وِفق الوجه الصحيح، لما رواه البخاري عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (فَما فَرِحْنَا بشيءٍ، فَرَحَنَا بقَوْلِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أنْتَ مع مَن أحْبَبْتَ).
6-طاعة أمر الله تعالى في وجوب محبّة رسوله ﷺ، وتقديمها على محبة النفس والأهل، لقوله ﷺ: (لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن والِدِهِ ووَلَدِهِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ).
7-طاعة أمر الله تعالى في وجوب التّحلّي بالأدَب مع رسول الله ﷺ واحترام سنّته، لقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّـهِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّـهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ).
8- طاعة أمر الله تعالى في وجوب الدفاع عنه ﷺ ممّا يُحاك له من ضروب الأذى المختلفة، وردّ كل نقصٍ أو عيبٍ يُنسَب إليه، لقوله -تعالى-: (لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ).
9- والمحافظة على استدامة النيّة الصادقة في نصرة رسول الله ﷺ. المحافظة على الصلاة على رسول الله ﷺ في كل وقتٍ وحينٍ؛ كحال ذِكرِه، ويوم الجمعة، وبعد الآذان، لِنيل الثواب الذي أعدّه الله تعالى على ذلك، وتقديراً لمكانة النبيّ وفضله العظيم على المسلمين.
10– الحرص على الالتزام بسنّة رسول الله ﷺ وتعلّمها، وذلك من خلال: قراءة الصحيح منها، وبذل الجهد في فهمها، واستخلاص ما تضمّنته من حِكَمٍ وأخلاقٍ وعقيدةٍ. الحرص على محبّة واحترام أصحاب رسول الله ﷺ، والجزم بأفضليّتهم علماً وعملاً ومنزلةً عند الله تعالى على كل من سِواهم ممّن جاء بعدهم. الحرص على محبة واحترام علماء الأمّة لا سيما وأنّهم ورثة الأنبياء. بذل الجهد في الاقتداء به ﷺ في الطاعات المستحبّة؛ لِنيل شرف الاقتداء به في سائر الأمور. تجنّب الاستهزاء والسخريّة بسنّته ﷺ، أو محاولة انتقاده وسنّته والتقليل من شأنهما، وبُغض من يفعل ذلك. انغمار القلب بمشاعر الفرح والبهجة حال انتشار سنّته ﷺ بين الناس، والشعور بالحزن والألم حال فقْد بعضها في حياة الناس. التّقرّب إلى الله تعالى بمحبّة آل بيت النبي ﷺ؛ من أزواجٍ، وذريّةٍ، وأقاربٍ؛ لِما امتازوا به من شرف قرابتهم منه، وبذل الجهد في تنفيذ ما وصّى به في حقّ آل بيته، لقوله ﷺ ثلاثاً: (أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتِي).
11- التّعرّف إلى الأدلة الوادرة في كلٍّ من القرآن الكريم والسنّة والإجماع التي توجب طاعته ﷺ باتّباع أمره واجتناب نهيه وتَحثّ على الاقتداء به. نسبة خيرَيّ الدنيا والآخرة الذي يُوفَّق إليهما المسلم إلى الله تعالى ومن ثمّ إلى رسول الله ﷺ، فهو من أرشد العباد إلى طريق الهِداية والصلاح والفلاح.
12- الاهتمام بالسيرة النّبويّة الصحيحة؛ وذلك من خلال قراءتها، وأخذ العبرة والفائدة من مواقفها، والسعي لربط أحداثها بالحياة الواقعية.
ولا بدّ من الإشارة إلى دور المرأة في نصرة رسول الله ﷺ؛ لا سيما أنّه دافَع عن كامل حقوقها وأثبتها لها، وقد خصّها بالاهتمام والعناية بمنحها وقتاً ليس بالقليل من حياته لتعليمها الأمور الخاصّة بها؛ كأحكام الطهارة من الحيض والنفاس والجنابة، وما يتعلّق بالنكاح، والطلاق، والعِدّة، والحضانة، والأخلاق، وغيرها، ممّا يُحتّم عليها نصرته بحبّه ﷺ، والاقتداء به في عبادته وأخلاقه، وتربية أبنائها على سنّته ونهجه ومحبّته، ودعوة النساء وحثّهنّ على ذلك.
كيفية نصرة النبي على مستوى الأسرة والمجتمع هناك العديد من الأمور التي توضّح دور الأسرة في نصرة رسول الله ﷺ، منها ما يأتي:
- غرس محبّة الرسول ﷺ في نفوس الأبناء وحثّهم على الاقتداء به. جمع وامتلاك كل ما يحوي السيرة النبويّة ويتحدّث عنها واقتناؤها؛ من كتبٍ، وأشرطةٍ، وأفلامٍ كرتونيّةٍ، وغيرها.
- جمع الأسرة لسماع درسٍ أو أكثر حول السيرة النبويّة أسبوعيّا، وتشجيع الأبناء من خلال عمل مسابقاتٍ عن سيرة الرسول.
- حثّ الأبناء على كفالة اليتيم ومساعدة الفقير والمسكين بجزءٍ ممّا ينالوه من المصروف اليوميّ؛ عملاً بالأحاديث التي تحثّ على ذلك واقتداءً برسول الله. حثّ الأبناء على حفظ الأمثال والحِكَم النبويّة، والاعتياد على استخدامها، كقول رسول الله ﷺ: (يَسِّرُوا ولا تُعَسِّرُوا، وسَكِّنُوا ولا تُنَفِّرُوا).
- حفظ الأذكار النبويّة، وبذل الجهد في بثّ روح الحماسة لدى الأبناء لفعل ذلك. محافظة الزوج على المعاملة الحسنة مع أهل بيته مقتدياً في ذلك برسول الله ﷺ.
كيفية نصرة النبي على مستوى الدعاة وطلبة العلم:
هناك العديد من الأمور التي تُوضّح دور الدعاة وطلبة العلم في نصرة رسول الله ﷺ، منها ما يأتي:
1- العمل على توضيح ملامح دعوة رسول الله ﷺ؛ من خلال إبراز سماتها وأهم أهدافها؛ وهو دعوة كافّة الناس إلى إفراد الله تعالى بالعبودية.
2-العمل على تذكير الناس بأهمّ المواقف والأحداث من سيرة رسول الله ﷺ؛ من خلال إفراد خطبة جمعةٍ كاملة لذلك، أو الخطبة الثانية منها للحديث عن ذلك من حينٍ إلى آخر.
3- العمل على إقامة وتخصيص حلقاتٍ في المسجد تُعنى بتحفيظ السنّة النبويّة. الاهتمام بتوضيح الصفات الخَلقية والخُلقية لرسول الله ﷺ قبل الرسالة وبعدها، والإشارة إلى منزلته العظيمة وما امتاز به وأمّته.
4- الاهتمام بتوضيح كيفية تعامل رسول الله ﷺ مع أهله وجيرانه وأصحابه -رضوان الله عليهم-، والإشارة إلى أهمّ المواقف والأحداث التي جمَعته معهم.
5-الاهتمام بتوضيح الوسائل التي اتّبعها رسول الله ﷺ في التعامل مع أعداء الدين والإسلام من المشركين والمنافقين وغيرهم.
6- الاهتمام بالآيات القرآنية التي يكون مدار حديثها عن رسول الله ﷺ؛ بتخصيصها بالشرح والبيان، سواء قُرئت في الصلاة، أو في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، أو في مجالَي التعلّم والتعليم.
7- الاهتمام بنشر الفتاوى التي تُعنى ببيان حكم نِسبة شيءٍ من النقص لرسول الله ﷺ، ووجوب مواجهة من يحاول أو يفعل ذلك بالبُغض والبراءة منه. بذل الجهد في تمهيد طريق الهداية ودعوة الناس إليه على اختلاف أعراقهم وأنسابهم.
8- بذل الجهد في الدفاع عن رسول الله ﷺ بردّ الشبهات والأكاذيب التي تُحاك حوله وحول سنّته.
9- الحرص على توضيح معالم الحياة اليومية لرسول الله ﷺ، وبيان أسلوبه وطريقته فيها. الحرص على دعوة الناس في وسائل الإعلام المختلفة بتجنّب الغلوّ في رسول الله ﷺ، والتذكير بالآيات الداعية لذلك، كقوله -تعالى-: (لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ)، والإشارة إلى أنّ المحبة الحقيقية له تكمن في اتّباع أمره واجتناب نهيه.
10-المحافظة على الأسلوب البسيط في حثّ الناس على التّمسك والالتزام بسنّة رسول الله ﷺ، وبذل الجهد في تصحيح الأفكار الخاطئة التي تُنسب إليه ولسنّته الشريفة وتدور في أذهان الناس. تشجيع الناس وحثّهم على الاهتمام بسيرة رسول الله ﷺ بقراءتها والحرص على المصادر الأصلية لها.
كيفية نصرة النبي على مستوى قطاع التعليم والعاملين فيه هناك العديد من الأمور التي تُوضّح دور العاملين في قطاع التعليم في نصرة رسول الله ﷺ، منها ما يأتي:
- العمل على بيان حقّ رسول الله ﷺ وفضله العظيم على أمّته، ممّا يغرس محبّته في نفوس الطلبة والطالبات.
- إقامة المحاضرات العديدة للحديث عن جوانب متعدّدةٍ من حياته ﷺ، ممّا يُبرز معالم شخصيّته ويُوضّحها. بذل الجهد في بيان أهمية احتواء مناهج التعليم على مادة السّيرة النبويّة، ونقل ذلك لمسؤولي قطاع التعليم وحثّهم عليه.
- توفير الدعم المالي لدراسة السّيرة النبويّة في الجامعات الغربيّة المرموقة. الاهتمام بالسّيرة النبويّة من خلال الدعوة إلى البحث العلمي فيها، والعناية بكتب السنّة مع التشجيع على ترتيبها وفق أقسامٍ واضحةٍ متعدّدةٍ؛ كالمغازي والشمائل وغيرها.
- الاهتمام بإعداد المخيّمات الشبابيّة التي يمكن من خلالها بثّ محبة رسول الله ﷺ وسنّته في نفوس الشباب. الاهتمام بإعداد دوراتٍ تدريبيّةٍ تُعنى بغرس الاقتداء برسول الله ﷺ وتنشئة قادةٍ بذلك.
- السّعي لإعداد معارض تُعرِّف برسول الله ﷺ على المستويَيْن؛ المدرسي والجامعي.
- السّعي في تهيئة موسوعاتٍ أكاديميّةٍ غزيرةٍ بالسّيرة النبويّة، بحيث تصبح مراجع مُعتَمدة فيها، وبذل الجهد في ترجمتها إلى لغاتٍ عالميةٍ متعدّدةٍ.
- حثّ الطلبة والطالبات على إعداد البحوث العلميّة في السّيرة النبويّة من خلال عقد مسابقاتٍ سنويّةٍ، وتوفير مكافآتٍ متنوّعةٍ لكتابة أفضل بحث.
- الحرص على اختيار أركانٍ خاصّةٍ وواضحةٍ في المكتبات، وتخصيصها باحتواء كلّ ما يتعلّق برسول الله؛ ككتب السيرة والسنّة.